عـاجل

كيف هزم السادات إسرائيل بالمكر قبل السلاح؟ أسرار حرب أكتوبر المجيدة

نصر أكتوبر 1973 حين خدع السادات إسرائيل بخطة المخابرات المصرية ونجح الجيش المصري في عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف في العاشر من رمضان.

في مثل هذا اليوم السادس من أكتوبر عام 1973، دوى صوت المدافع فوق ضفتي قناة السويس ليعلن بداية حرب العاشر من رمضان، التي غيرت مجرى التاريخ وأعادت إلى المصريين كرامتهم وثقتهم في جيشهم ووطنهم.

في ذلك اليوم، تحركت قوات الجيش المصري في ملحمة بطولية حقيقية، استطاعت خلالها تحطيم خط بارليف الحصين الذي كانت إسرائيل تتباهى بأنه "لا يقهر"، ورفع الجنود العلم المصري على الضفة الشرقية للقناة بعد ساعات قليلة من بدء الهجوم.

لماذا يحتفل المصريون بيوم السادس من أكتوبر؟


يحتفل المصريون كل عام في هذا اليوم لأن نصر أكتوبر لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان تحولًا نفسيًا ومعنويًا في حياة الأمة كلها.

فبعد ست سنوات من الهزيمة في 1967، كانت مصر بحاجة إلى لحظة استرداد الثقة، وجاءت حرب أكتوبر لتعلن أن "الجيش المصري لا يعرف المستحيل".

الاحتفال بهذا اليوم هو تجسيد لفكرة العبور، ليس فقط عبور القناة، بل عبور الهزيمة واليأس والخوف إلى مرحلة جديدة من الأمل والبناء. ولهذا أصبح 6 أكتوبر عيد القوات المسلحة، ويعد من أهم الأعياد القومية في تاريخ مصر الحديث.

هل كان نصر أكتوبر حقيقيًا أم مجرد وهم سياسي؟


سؤال قد يبدو صادمًا للبعض، لكنه يطرح كثيرًا في أوساط المهتمين بالتاريخ العسكري والسياسي. البعض يرى أن نصر أكتوبر كان جزئيًا، لأن المعركة توقفت قبل تحرير كامل سيناء، وانتهت بقبول وقف إطلاق النار، ثم اتفاقية كامب ديفيد التي جاءت لاحقًا.

لكن الحقيقة التاريخية تقول إن الجيش المصري حقق نصرًا عسكريًا واضحًا في الأيام الأولى للحرب، حيث كسر أسطورة الجيش الإسرائيلي، وأثبت للعالم أن قوة الردع المصرية قادرة على قلب الموازين.

أما الجانب السياسي فكان امتدادًا طبيعيًا للمعركة، لأن الهدف لم يكن احتلال الأرض فقط، بل فرض واقع جديد يجبر العالم على الاعتراف بحقوق مصر.

بعبارة أخرى، العبور كان نصرًا عسكريًا حقيقيًا، بينما ما تلاه كان معركة سياسية طويلة انتهت بتحرير كامل سيناء عبر المفاوضات، وهو ما لم يكن ليحدث لولا نصر أكتوبر.

كيف خدع السادات إسرائيل بخطة محكمة؟


كان الرئيس أنور السادات يعرف أن أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل دون عنصر المفاجأة ستكون خاسرة، لذلك وضع خطة خداع استراتيجي معقدة شاركت فيها كل أجهزة الدولة.

فقد سمح السادات بتسريب معلومات مضللة تفيد بأن الجيش المصري غير مستعد للحرب، وأن التحركات العسكرية مجرد مناورات تدريبية بسبب ارتفاع الحرارة.

حتى إن بعض الضباط حصلوا على إجازات رسمية قبل الحرب بأيام، وسمح لعدد منهم بالسفر إلى السعودية لأداء فريضة الحج، في خطوة ذكية لإقناع المخابرات الإسرائيلية أن لا نية لدى مصر للهجوم.

وفي الوقت نفسه، تم اختيار موعد الحرب بدقة في يوم العاشر من رمضان 6 أكتوبر، وهو عيد الغفران لدى الإسرائيليين، حيث تكون أغلب الوحدات الإسرائيلية في حالة راحة.

كانت النتيجة مفاجأة مدوية للإسرائيليين، وفي الثانية ظهرًا بدأت المدافع المصرية قصف مواقع العدو، فانهار خط بارليف خلال ساعات، وتحول ما كان يقال عنه "لا يقهر" إلى رماد.

دور المخابرات المصرية في خطة الخداع

لم يكن الخداع من تخطيط السادات وحده، بل لعبت المخابرات العامة المصرية دورًا محوريًا في تنفيذ واحدة من أذكى عمليات التضليل في التاريخ الحديث.

من أبرز الأدوار التي أشير إليها تاريخيًا كان دور أشرف مروان، الذي نقل إلى الإسرائيليين معلومات حقيقية في أوقات محددة ومعلومات مضللة في أوقات أخرى، ما جعل إسرائيل تشك في كل ما يصلها، وبالتالي تفقد القدرة على التنبؤ بالموعد الحقيقي للحرب.

كما قامت المخابرات بتنسيق خطة تمويه ضخمة، شملت تحريك وحدات وهمية، ونشر أخبار في الصحف الأجنبية عن أوضاع اقتصادية وصحية سيئة في مصر، لتبدو البلاد بعيدة تمامًا عن خيار الحرب.

بهذا التناغم بين القيادة السياسية والعسكرية والمخابراتية، نجحت مصر في تحقيق عنصر المفاجأة الكامل، وهو ما اعترف به القادة الإسرائيليون لاحقًا كأكبر إخفاق استخباراتي في تاريخهم.

من نصر أكتوبر إلى معركة الحاضر

كما انتصر المصريون في حرب أكتوبر 1973 بالروح والإرادة، يخوض الجيش المصري اليوم معركة جديدة لحماية الأمن القومي على كل الجبهات.

فالمعركة لم تعد فقط بالسلاح، بل أصبحت أيضًا في مواجهة الإرهاب، وحماية الحدود، وتأمين التنمية والاستقرار في الداخل.

ورغم اختلاف طبيعة التحديات، إلا أن روح أكتوبر ما زالت هي نفسها؛ إيمان بالوطن، وثقة في القيادة، واستعداد دائم للتضحية من أجل الحفاظ على أرض مصر وسيادتها.

فأبناء القوات المسلحة اليوم هم امتداد لأبطال الأمس، يواصلون حراسة الوطن بعيون لا تنام، ليبقى شعارهم خالدًا: "تحيا مصر.. التي لا تعرف الهزيمة".
تعليقات