شهدت الجهود الدبلوماسية الرامية لإنهاء الحرب في غزة زخمًا متزايدًا، مع انطلاق جولة جديدة من المحادثات في شرم الشيخ، بمشاركة وفود رفيعة المستوى من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول المنطقة، وذلك بعد أن سلمت حركة حماس قوائم الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين المشمولين في صفقة تبادل محتملة.
تأتي هذه التحركات في وقتٍ ينظر فيه إلى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بندًا، باعتبارها الأكثر واقعية حتى الآن لإنهاء الصراع المستمر منذ عامين، حيث دفع ذلك الأطراف المعنية إلى رفع مستوى تمثيلها في المفاوضات التي انطلقت الاثنين الماضي في القاهرة.
وأوفد ترامب كلًا من جاريد كوشنر والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى المباحثات، فيما أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، أحد أقرب المقربين إليه. ومن المنتظر أن ينضم إلى المحادثات رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي يلعب دورًا محوريًا في الوساطة.
في المقابل، قالت مصادر فلسطينية إن حركة حماس سلمت قوائم الأسرى، والتي تضمنت أسماء شخصيات بارزة من الفصائل الفلسطينية، من بينهم مروان البرغوثي، القيادي البارز في حركة فتح، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكلاهما يقضي أحكامًا بالسجن المؤبد في إسرائيل.
وأكدت المصادر أن المفاوضات غير المباشرة تتركز في الوقت الحالي على ثلاثة محاور رئيسية: وقف إطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وصفقة تبادل الأسرى، بينما ترفض حماس مناقشة مطلب إسرائيل بنزع سلاحها ما دامت القوات الإسرائيلية تواصل وجودها داخل الأراضي الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، خفضت إسرائيل من وتيرة هجماتها في القطاع بطلب من ترامب، دون أن توقف عملياتها العسكرية بالكامل، حيث أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل ثمانية أشخاص خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو أدنى عدد للضحايا منذ أسابيع، بعدما كانت الخسائر اليومية تزيد بعشرة أضعاف خلال الشهر الماضي.
وفي المقابل، أعرب ترامب عن تفاؤله بالتقدم المحرز نحو اتفاق شامل، مشيرًا إلى أن الخطة تحظى بدعم واسع من المجتمع الدولي، رغم بقاء بعض التفاصيل العالقة، مثل مستقبل إدارة القطاع بعد الحرب ومصير حركة حماس.
وتنص الخطة على تشكيل هيئة دولية برئاسة ترامب، تضم شخصيات دولية من بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، للإشراف على إدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب. لكن دولًا عربية مشاركة في المشاورات أكدت أن الخطة يجب أن تؤدي في النهاية إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يرفضه نتنياهو بشدة.
ورغم التقدم النسبي في المفاوضات، لا يزال الغموض حول الجهة التي ستتولى حكم غزة بعد انتهاء الحرب، إذ يستبعد كل من واشنطن وتل أبيب ودول عربية عودة حماس إلى السلطة، بينما أكدت الحركة استعدادها لتسليم إدارة القطاع إلى حكومة فلسطينية "تكنوقراطية" بإشراف السلطة الفلسطينية ودعم عربي وإسلامي، وفقًا لمبادرة مصرية سابقة، مع رفضها لأي إدارة أجنبية أو إشراف من توني بلير.
وبحسب سلطات غزة، فإن عدد القتلى تجاوز 67 ألف فلسطيني منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر 2023، بينما قتل 1,200 إسرائيلي وأُسر 251 شخصًا نقلوا إلى القطاع خلال الهجوم الذي شنته حماس قبل عامين.